فصل: قال سيد قطب:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.قال ابن عاشور:

سورة طه:
سميت سورة طاها باسم الحرفين المنطوق بهما في أولها.
ورسم الحرفان بصورتهما لا بما ينطق به الناطق من اسميهما تبعا لرسم المصحف كما تقدم في سورة الأعراف.
وكذلك وردت تسميتها في كتب السنة في حديث إسلام عمر بن الخطاب كما سيأتي قريبا.
وفي تفسير القرطبي عن مسند الدرامي عن هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أن الله تبارك وتعالى قرأ طاها باسمين قبل أن يخلق السماوات والأرض بألفي عام فلما سمعت الملائكة القرآن قالوا: طوبى لأمة ينزل هذا عليها» الحديث.
قال ابن فورك: معناه أن الله أظهر كلامه وأسمعه من أراد أن يسمعه من الملائكة، فتكون هذه التسمية مروية عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وذكر في الإتقان عن السخاوي أنها تسمى أيضا سورة الكليم، وفيه عن الهذلي في كامله أنها تسمى سورة موسى.
وهي مكية كلها على قول الجمهور، واقتصر عليه ابن عطية وكثير من المفسرين.
وفي الإتقان أنه استثني منها آية {فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا} [طه: من الآية130] واستظهر في الإتقان أن يستثنى منها قوله تعالى: {وَلا تَمُدَّنَ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} [طه: من الآية131].
لما أخرج أبو يعلى والزار عن أبي رافع قال: أضاف النبي صلى الله عليه وسلم ضيفا فأرسلني إلى رجل من اليهود أن أسلفني دقيقا إلى هلال رجب فقال: لا، إلا برهن، فأتيت النبي فأخبرته فقال: أما والله إني لأمين في السماء أمين في الأرض.
فلم أخرج من عنده حتى نزلت {وَلا تَمُدَّنَ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} [طه: 131] الآية اهـ.
وعندي أنه إن صح حديث أبي رافع فهو من اشتباه التلاوة بالنزول.
فالعل النبي صلى الله عليه وسلم قرأها متذكرا فظنها أبو رافع نازلة ساعتئذ ولم يكن سمعها قبل، أو أطلق النزول على التلاوة.
ولهذا نظائر كثيرة في المرويات في أسباب النزول كما علمته غير مرة.
وهذه السورة هي الخامسة والأربعون في ترتيب النزول نزلت بعد سورة مريم وقبل سورة الواقعة.
ونزلت قبل إسلام عمر بن الخطاب لما روى الدارقطني عن أنس بن مالك، وابن إسحاق في سيرته عنه قال: خرج عمر متقلدا بسيف.
فقيل له: إن ختنك وأختك قد صبوا، فأتاهما عمر وعندهما خباب بن الأرت يقرئهما سورة طاها، فقال: أعطوني الكتاب الذي عندكم فأقرأه? فقالت له أخته: إنك رجس، ولا يمسه إلا المطهرون فقم فاغتسل أو توضأ.
فقام عمر وتوضأ وأخذ الكتاب فقرأ طه.
فلما قرأ صدرا منها قال: ما أحسن هذا الكلام وأكرمه إلى آخر القصة.
وذكر الفخر عن بعض المفسرين أن هذه السورة من أوائل ما نزل بمكة.
وكان إسلام عمر في سنة خمس من البعثة قبيل الهجرة الأولى إلى الحبشة فتكون هذه السورة قد نزلت في سنة خمس أو أواخر سنة أربع من البعثة.
وعدت آيها في عدد أهل المدينة ومكة مائة وأربعا وثلاثين وفي عدد أهل الشام مائة وأربعين، وفي عدد أهل البصرة مائة واثنتين وثلاثين.
وفي عدد أهل الكوفة مائة وخمسا وثلاثين.
أغراضها:
احتوت من الأغراض على:
- التحدي بالقرآن بذكر الحروف المقطعة في مفتتحها.
- والتنويه بأنه تنزيل من الله لهدي القابلين للهداية؛ فأكثرها في هذا الشأن.
- والتنويه بعظمة الله تعالى.
وإثبات رسالة محمد صلى الله عليه وسلم بأنها تماثل رسالة أعظم رسول قبله شاع ذكره في الناس.
فضرب المثل لنزول القران على محمد صلى الله عليه وسلم بكلام الله موسى عليه السلام.
- وبسط نشأة موسى وتأييد الله إياه ونصره على فرعون بالحجة والمعجزات وبصرف كيد فرعون عنه وعن أتباعه.
- وإنجاء الله موسى وقومه، وغرق فرعون، وما أكرم الله به بني إسرائيل في خروجهم من بلد القبط.
وقصة السامري وصنعه العجل الذي عبده بنو إسرائيل في مغيب موسى عليه السلام.
وكل ذلك تعويض بأن مآل بعثة محمد صلى الله عليه وسلم صائر إلى ما صارت إليه بعثة موسى عليه السلام من النصر على معانديه.
فلذلك انتقل من ذلك إلى وعيد من أعرضوا عن القرآن ولم تنفعهم أمثاله ومواعظه.
- وتذكير الناس بعدواة الشيطان الإنسان بما تضمنه قصة خلق آدم.
- ورتب على ذلك سوء الجزاء في الآخرة لمن جعلوا مقادتهم بيد الشيطان وإنذارهم بسوء العقاب في الدنيا.
- وتسلية النبي صلى الله عليه وسلم على ما يقولونه وتثبيته على الدين.
وتخلل ذلك إثبات البعث.
وتهويل يوم القيامة وما يتقدمه من الحوادث والأهوال. اهـ.

.قال سيد قطب:

تعريف بالسورة تبدأ هذه السورة وتختم خطابا للرسول صلى الله عليه وسلم ببيان وظيفته وحدود تكاليفه.. إنها ليست شقوة كتبت عليه، وليست عناء يعذب به. إنما هي الدعوة والتذكرة، وهي التبشير والإنذار. وأمر الخلق بعد ذلك إلى الله الواحد الذي لا إله غيره. المهيمن على ظاهر الكون وباطنه، الخبير بظواهر القلوب وخوافيها. الذي تعنو له الجباه، ويرجع إليه الناس: طائعهم وعاصيهم.. فلا على الرسول ممن يكذب ويكفر ; ولا يشقى لأنهم يكذبون ويكفرون.
وبين المطلع والختام تعرض قصة موسى عليه السلام من حلقة الرسالة إلى حلقة اتخاذ بني إسرائيل للعجل بعد خروجهم من مصر، مفصلة مطولة ; وبخاصة موقف المناجاة بين الله وكليمه موسى- وموقف الجدل بين موسى وفرعون. وموقف المباراة بين موسى والسحرة... وتتجلى في غضون القصة رعاية الله لموسى الذي صنعه على عينه واصطنعه لنفسه، وقال له ولأخيه: {لا تخافا إنني معكما أسمع وأرى}.
وتعرض قصة آدم سريعة قصيرة، تبرز فيها رحمة الله لآدم بعد خطيئته، وهدايته له. وترك البشر من أبنائه لما يختارون من هدى أو ضلال بعد التذكير والإنذار.
وتحيط بالقصة مشاهد القيامة. وكأنما هي تكملة لما كان أول الأمر في الملأ الأعلى من قصة آدم. حيث يعود الطائعون إلى الجنة، ويذهب العصاة إلى النار. تصديقا لما قيل لأبيهم آدم، وهو يهبط إلى الأرض بعد ما كان!
ومن ثم يمضي السياق في هذه السورة في شوطين اثنين:
الشوط الأول: يتضمن مطلع السورة بالخطاب إلى الرسول صلى الله عليه وسلم {ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى إلا تذكرة لمن يخشى} تتبعه قصة موسى نموذجا كاملا لرعاية الله سبحانه لمن يختارهم لإبلاغ دعوته فلا يشقون بها وهم في رعايته.
والشوط الثاني: يتضمن مشاهد القيامة وقصة آدم وهما يسيران في اتجاه مطلع السورة وقصة موسى. ثم ختام السورة بما يشبه مطلعها ويتناسق معه ومع جو السورة.
وللسورة ظل خاص يغمر جوها كله.. ظل علوي جليل، تخشع له القلوب، وتسكن له النفوس، وتعنو له الجباه.. إنه الظل الذي يخلعه تجلي الرحمن على الوادي المقدس على عبده موسى، في تلك المناجاة الطويلة ; والليل ساكن وموسى وحيد، والوجود كله يتجاوب بذلك النجاء الطويل.. وهو الظل الذي يخلعه تجلي القيوم في موقف الحشر العظيم: {وخشعت الأصوات للرحمن فلا تسمع إلا همسا} {وعنت الوجوه للحي القيوم}..
والإيقاع الموسيقي للسورة كلها يستطرد في مثل هذا الجو من مطلعها إلى ختامها رخيا شجيا نديا بذلك المد الذاهب مع الألف المقصورة في القافية كلها تقريبا. اهـ.

.قال الصابوني:

سورة طه مكية وآياتها خمس وثلاثون ومائة آية.

.بين يدي السورة:

سورة طه مكية، وهي تبحث عن نفس الاهداف للسور المكية، وغرضها الاساسى التركيز على اصول الدين من التوحيد، والنبوة، والبعث والنشور في هذه السورة الكريمة تظهر شخصية الرسول صلى الله عليه وسلم في شد أزره، وتقوية روحه، حتى لا يتأثر بما يلقى إليه من السفاهة والعناد، والاستهزاء والتكذيب، ولإرشاده إلى وظيفته الاساسية، وهي التبليغ والتذكير، والانذار والتبشير، وليس عليه أن يجبر الناس على الإيمان. عرضت السورة لقصص الانبياء، تسلية لرسول الله صلى الله عليه وسلم وتطمينا لقلبه الشريف، فذكرت بالتفصيل قصة موسى وهارون مع فرعون الطاغية الجبار ويكاد يكون معظم السورة في الحديث عنها، وبالأخص موقف المناجاة بين موسى وربه، وموقف تكليفه بالرسالة، وموقف الجدال بين موسى وفرعون، وموقف المبارزة بينه وبين السحرة، وتتجلى في ثنايا تلك القصة رعايةُ الله لموسى، نبيه وكليمه، لإهلاك الله لأعدائه الكفرة المجرمين. وعرضت السورة لقصة آدم بشكل سريع خاطف، برزت فيه رحمة الله لآدم بعد الخطيئة، وهدايته لذريته بإرسال الرسل مبشرين ومنذرين، ثم ترك الخيار لهم لإختيار طريق الخير أو الشر. وفي ثنايا السورة الكريمة تبرز بعض مشاهد القيامة، في عبارات يرتجف لها الكون، وتهتز لها القلوب هلعا وجزعا، وما يصيب الناس من الذهول والسكون {وخشعت الأصوات للرحمن فلا تسمع إلا همسا} وعرضت السورة ليوم الحشر الأكبر، حيث يتم الحساب العادل، ويعود الطائعون إلى الجنة، ويذهب العصاة إلى النار، تصديقا لوعد الله الذي لا يتخلف، بإثابة المؤمنين وعقاب المجرمين. وختمت السورة ببعض التوجيهات الربانية للرسول صلى الله عليه وسلم في الصبر وتحمل الأذى في سبيل الله حتى يأتي نصر الله.

.التسمية:

سميت سورة طه وهو اسم من اسمائه الشريفة صلى الله عليه وسلم تطييبا لقلبه، وتسلية لفؤاده عما يلقاه من صدود وعناد، ولهذا ابتدأت السورة بملاطفته بالنداء {طه ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى}. اهـ.

.قال أبو عمرو الداني:

سورة طه مكية ولا نظير لها في عددها.
وكلمها ألف وثلاث مئة وإحدى وأربعون كلمة.
وحروفها خمسة آلاف ومئتان واثنان وأربعون حرفا.
وهي مئة وثلاثون وآيتان بصري وأربع مدنيان ومكي وخمس كوفي وأربعون شامي.
اختلافها إحدى وعشرون آية {طه} عدها الكوفي ولم يعدها الباقون {نسبحك كثيرا} و{ونذكرك كثيرا} لم يعدهما البصري وعدهما الباقون {محبة مني} لم يعدها الكوفي والبصري وعدها الباقون {كي تقر عينها ولا تحزن} عدها الشامي ولم يعدها الباقون {وفتناك فتونا} عدها البصري والشامي ولم يعدها الباقون {في أهل مدين} عدها الشامي ولم يعدها الباقون {واصطنعتك لنفسي} عدها الكوفي والشامي ولم يعدها الباقون {فأرسل معنا بني إسرائيل} عدها والشامي ولم يعدها الباقون {ولقد أوحينا إلى موسى} عدها الشامي ولم يعدها الباقون {ما غشيهم} عدها الكوفي ولم يعدها الباقون {غضبان أسفا} عدها المدني الأول والمكي ولم يعدها الباقون {وعدا حسنا} عدها المدني الأخير ولم يعدها الباقون {ألقى السامري} لم يعدها المدني الأخير وعدها الباقون وكلهم عد {وأضلهم السامري} و{يا سامري} و{إله موسى} عدها المدني الأول والمكي ولم يعدها الباقون {فنسي} لم يعدها المدني الأول والمكي وعدها الباقون {إليهم قولا} عدها المدني الأخير ولم يعدها الباقون {إذ رأيتهم ضلوا} عدها الكوفي ولم يعدها الباقون {صفصفا} عدها الكوفي والبصري والشامي ولم يعدها الباقون {مني هدى} و(.) لم يعدهما الكوفي وعدهما الباقون.
وفيها مما يشبه الفواصل وليس معدودا بإجماع ستة مواضع: {فاعبدني} {بآياتي} {ولا برأسي} {منها جميعا} {معيشة ضنكا} {لكان لزاما}.